معركة نهم مفصلية لتحديد مسار عملية السلام في اليمن
7 فبراير، 2016
1٬240 10 دقائق
يمنات – روسيا اليوم
محمد الأحمد
حَسم وضع صنعاء حربا أو تفاوضا هو طريق للسلام المؤقت في اليمن الذي لا تقتصر مشكلاته على الحرب وحدها، فهو يواجه مشكلة اقتصادية كبيرة وحركة انفصالية متنامية وجماعات إرهابية نشطة.
في ضواحي صنعاء، تدور مواجهات عنيفة بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعومة من التحالف، وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح والمقاتلين الحوثيين، في معركة تعد الفاصلة في مسار الحرب، التي تعصف بالبلاد منذ عشرة أشهر؛ وإذا ما تمكنت قوات هادي من الوصول إلى صنعاء، فإنها بذلك ستحقق الانتصار المطلوب لاستئناف العملية السياسية، وليس للقضاء على “أنصار الله” وأتباع الرئيس السابق.
و لأن الانتصار المتوقع لا يبدو سهلا، ولأن الحوثيين والرئيس السابق، لا يزالون يمتلكون القدرة على المواجهة، فإن المعركة الدائرة اليوم في مديرية نهم، تعدُّ مفصلية لتحديد مسار عملية السلام، التي توقفت منذ نهاية العام الماضي، حين انعكس التوازن العسكري على المواقف السياسية، وتمسك كل طرف بشروطه لاستئناف المباحثات.
و تكتسب معركة صنعاء أهميتها من حيث إنها عاصمة الدولة؛ وسيعني استعادتها انتصارا حاسما للرئيس هادي ودول التحالف، التي تدعمه وتقود الحرب، ولأن المناطق المحيطة بها تشكل مركز الثقل القبلي للرئيس السابق والحوثيين معا.
و في المقابل، فإن الضغط، الذي تتعرض له الأطراف المسيطرة على المدينة، من شأنه المساعدة على مراجعة المواقف واستئناف محادثات السلام استنادا إلى القواعد، التي وضعها المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
و عندما هُزمت قوات الرئيس السابق صالح والحوثيون في جنوب وشرق اليمن لم تنته الحرب، ولم يعلنوا الاستسلام؛ لأن سيطرتهم على العاصمة والمحافظات الواقعة إلى شمالها وغربها منحتهم مقومات البقاء والصمود؛ وبخاصة مع توجههم نحو استهداف الأراضي السعودية للضغط على الرياض للقبول بالتفاوض المباشر، والتراجع عن الشروط، التي تضمنها قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن.
و الآن، حتى وإن حسمت معركة صنعاء عبر القتال أو التفاوض، فإن ذلك لن يعني أن السلام سيعود إلى اليمن، بل سيعني أن هذا البلد، الذي يشرف على ممر بحري مهم، يعاني حركةً انفصالية متنامية، تدعمها أطراف داخلية وخارجية، وتشتد يوما بعد يوم. وأضحى هناك عداء لكل من ينحدر من الشمال، وتحميله مسؤولية كل الموبقات، التي حدثت في الجنوب خلال الأعوام الخمسة وعشرين الماضية.
إلى ذلك، ظهرت الجماعات الإرهابية بقوة في الجنوب؛ وبعد أن كانت تسيطر على عاصمة محافظة حضرموت فقط، أصبحت تسيطر أيضا على أجزاء من محافظة شبوة، وعلى عدة مدن وبلدات في محافظة أبين مسقط رأس الرئيس هادي. كما أنها تسيطر على أجزاء واسعة من محافظة لحج، وتتمتع بحضور قوي في محافظتي تعز والبيضاء، وتمتلك خلايا في أكثر من محافظة. في حين أصبحت الجماعات السلفية المسلحة قوة رئيسة في عدن وحضرموت وأبين وتعز ولحج والبيضاء وإب.
و لأن الأطراف المتحاربة لم تصل بعد إلى المستوى، الذي يجعلها جاهزة لاستحقاقات السلام، فإنها تعمل في الخفاء، وبرعاية أطراف دولية، على إبرام صفقة ذات أبعاد إقليمية، تؤدي في النهاية إلى تقاسم الحكم ودمج خليط المسلحين في قوات الجيش والأمن، والاتفاق على آلية لاستلام المدن ومواجهة الإرهاب، على أن يظل الفاعلون السياسيون وأدواتهم القديمة كما هي.
و ما هو مؤكد حتى هذه اللحظة أن الحوثيين سيكونون طرفا رئيسا في منظومة الحكم المقبلة، والأمر كذلك بالنسبة إلى رجال علي عبد الله صالح وحزبه. غير أن ما لم تتبين معالمه بعد .. هو مستقبل الرئيس السابق، ونجله الأكبر العميد أحمد علي عبد الله صالح، الذي تشير مصادر دبلوماسية إلى أنه مرشح لقيادة حزب المؤتمر الشعبي مقابل مغادرة والده البلاد لفترة زمنية محددة.
الاتصالات، التي تحاط بقدر كبير من السرية، تعكس فشل أي طرف في تحقيق انتصار عسكري؛ وكذلك مخاوف المجتمع الدولي من تفكك اليمن، وسيطرة الجماعات الإرهابية على أجزاء واسعة منه، كما أنها تؤكد أن الحرب لم تكن خيارا محليا، ولكنها كانت تعبيرا عن مصالح وإرادات إقليمية.